سورة الحجر - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


{الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (4) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (5)} [الحجر: 15/ 1- 5].
ابتدأت سورة الحجر كغيرها من بعض السور بالحروف المقطعة الر بقصد التّنبيه وتحدّي العرب أهل البلاغة والفصاحة بأن يأتوا بمثل القرآن أو بعضه، علما بأنه مكوّن من هذه الحروف الهجائية التي تتركّب منها لغتهم.
لذا اقترنت هذه الحروف غالبا بالكلام عن القرآن: لتلازم الأمرين معا، فأخبر سبحانه أن آيات القرآن الكريم في هذه السورة وغيرها، هي آيات الكتاب الكامل في كل شيء، وآيات البيان الفصيح المعجز، مما يدلّ على أن القرآن المبين هو الكتاب الجامع للكمال، والغرابة في البيان، كما قال الزمخشري رحمه الله.
ولكنّ الكفار والمشركين سيندمون حتما يوم القيامة على ترك الإيمان بالقرآن، وعلى ما كانوا عليه في الدنيا من كفر وضلال، ويتمنّون لو كانوا في الدنيا مسلمين مؤمنين، كما في آية أخرى: {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)} [الأنعام: 6/ 27].
فعند دخول الكفار النار، ومعرفتهم بدخول المؤمنين الجنّة، يودّون لو كانوا مسلمين، فينجون النجاء الذي مانعة أن لم يكونوا مسلمين. فإن النجاة في الآخرة بالإيمان والإسلام وحده دون غيره.
وإذا كان هذا حال الكفار، فهم بأشد الحاجة إلى التذكير والتنبيه، فكان مناسبا إيراد الوعيد والتهديد، فقال الله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} أي اترك يا محمد الكفار في ملاهيهم وتمتّعهم باللذات في دنياهم، يأكلون كما تأكل الأنعام، وتلهيهم الآمال عن التوبة والإنابة، أو عن الآخرة، وأجل الموت، فسوف يعلمون عاقبة أعمالهم وأمرهم، ثم ختمت الآية بوعيد ثان، وهو قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} قال بعض العلماء كما ذكر الطبري: الوعيد الأول في الدنيا، والثاني في الآخرة، فكيف تطيب حياة بين هذين الوعيدين؟! ومعنى قوله تعالى: {وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ} أي يشغلهم أملهم في الدنيا، والتزيد فيها عن النظر والإيمان بالله ورسوله.
ثم جاء البيان الإلهي العظيم، والاعلام بأنه لا عقاب قبل بيان، ولا عذاب قبل إنذار وكتاب إلهي، فقال سبحانه: {وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (4)} أي لا تستبطئن هلاكهم، فليس من قرية أهلكت إلا بعد قيام الحجة عليهم، وإبلاغهم طريق الرّشد والحق، ولم يكن الهلاك إلا بأجل مقرر محدود، وكتاب واضح الشرائع والأحكام، وإنذار سابق بالعذاب، حتى تترك الفرصة لهم بالعدول عن عصيانهم، ومبادرتهم إلى سلوك جادة الاستقامة.
والمقصود بالآيات: أنه لو شاء الله، لعجّل العذاب للكفار المستكبرين، ولكن اقتضت حكمته إمهالهم لعلهم يتوبوا، فإن لكل أمّة أجلا معيّنا، لا تأخير فيه ولا تقديم، والله تعالى يمهل ولا يهمل.
وهذا تنبيه وتحذير شديد لأهل مكة وأمثالهم، وإرشاد لهم إلى الإقلاع عما هم عليه من الشّرك والعناد والإلحاد الذي يستحقّون به الهلاك، كما قال ابن كثير.
وأما الناس اليوم وربما في المستقبل، على الرغم من تقدم العقل البشري ونضجه، واكتشاف آفاق العلوم والمعارف الكونية، فإنهم فيما يتعلّق بالدين ما يزالون متأثّرين بالتقاليد الموروثة، وبالبيئات المعايشة، وبما يوجّههم إليه رجال الدين وسدنة الإرث القديم. ولكن التّمسك بالتقليد وإهمال دور العقل مرفوض في ميزان الحق والمسؤولية والحساب الإلهي في الدنيا والآخرة.
الرّد على مطاعن المشركين بالنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم:
على الرغم من أن انتقادات المشركين وهم كفار قريش حول القرآن والرسول واهية ساقطة وسخيفة، فإنها كانت خطيرة تستوجب الإبطال والرّدع والتّوبيخ، لأنها لا تستند إلى منطق صحيح، ولا لحجة مقبولة، فضلا عن أنها تصادم الآداب والأعراف والواقع المشاهد، فهم يتّهمون النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالجنون والسفاهة، ويطالبون بإنزال الملائكة، ويستهزئون بكل رسول جاءهم، فكانوا في هذا كله أغبياء حيارى عمي البصر والبصيرة. وهذا ما حكاه القرآن العظيم في قوله تعالى:


{وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (11) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)} [الحجر: 15/ 6- 15].
القائلون هذه المقالة من كفار قريش: هم عبد الله بن أبي أمية، والنضر بن الحارث، ونوفل بن خويلد، والوليد بن المغيرة من صناديد قريش. إنهم قالوا استهزاء وتهكّما: يا أيها الذي تدّعي نزول القرآن عليك، إنك متّصف بالجنون، حينما تدعونا إلى اتّباعك، وترك ما وجدنا عليه آباءنا، فلا نقبل دعوتك.
لوما بمعنى لولا، أي لو كنت ما تدّعيه حقّا وصدقا، فهلا تأتينا بالملائكة يشهدون لك بالصدق وبصحة ما جئت به، وتأييد إنذارك، إن كنت صادقا في ادّعاء النّبوة.
فأجابهم الله تعالى بأننا لا ننزل الملائكة إلا بحق وحكمة ومصلحة نعلمها، أي كما يجب ويحقّ من الوحي والمنافع التي نراها للعباد، من رسالة أو عذاب، لا بحسب اقتراح الكافر، ولا باختيار معترض. وعادة الله في الأمم أنه لم يأتهم بآية اقتراح إلا ومعها العذاب في أثرها إن لم يؤمنوا، وكأن الكلام: ما ننزل الملائكة إلا بحقّ واجب، لا باقتراحكم، ثم لو نزلت الآية لم ينظروا أو لم يمهلوا بعد ذلك بالعذاب، أي لم يؤخّروا. وهذا ردّ على مقالة المشركين الأولى المطالبة بإنزال الملائكة.
ثم ردّ الله تعالى على مقالتهم الثانية التي تتضمن اتّهام النّبي بالجنون، بقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9)}.
أي إن الله تعالى هو الذي أنزل القرآن على الرسول النّبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، ونحن نحفظه ونصونه من التّبديل والتغيير الذي جرى في سائر الكتب المنزلة، وهو تبديل اللفظ، لا مجرد التأويل. وهذه الآية بمعنى قوله تعالى عن القرآن: {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصّلت: 41/ 42].
ثم آنس الله تعالى نبيّه وسرّى عنه وعرض له أسوة، وهي لا يضيق صدرك يا محمد بما يفعله قومك من الاستهزاء واتّهام الجنون وغير ذلك، فقد تقدم منا إرسال الرسل للأمم الماضية في شيعها وطوائفها وفرقها، وكانت سيرتهم الاستهزاء بالرسل والتكذيب والكفر برسائلهم الإلهية.
وهذا الاستهزاء أو الشّرك ونحوه من التكذيب أجراه الله في قلوب المجرمين الذين عاندوا، وتكبّروا عن اتّباع الهدى، ومثل ذلك التكذيب والكفر الذي أدخلناه في قلوب المجرمين السابقين، ندخله في قلوب المجرمين الجدد، وهم لا يؤمنون بالرّسل، وأصبح ذلك سنّة وعادة متّبعة في الماضين على هذه الوتيرة، التي استوجبت تدمير كل من كذب الرّسل، وإنجاء الأنبياء وأتباعهم في الدنيا والآخرة، وسنفعل بالمجرمين اللاحقين كما فعلنا بالسابقين.
ثم أخبر الله تعالى عن شدة عناد- قريش وكفرة العصر بأنه لو فتحنا على هؤلاء المعاندين بابا من السماء، فجعلوا يصعدون فيه، أن تصعد فيه الملائكة، لما صدّقوا بذلك، بل قالوا: إنما منعت وسدّت أبصارنا من الرؤية والإبصار، وقد شبّه علينا، واختلطت الأمور في أذهاننا، وأصبحنا لا نرى إلا أخيلة، كالقوم المسحورين، سحرنا محمد بآياته، كما في آية أخرى: {وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)} [الأنعام: 6/ 7].
وخلاصة المعنى: بلغ من عناد المشركين في مكة وأمثالهم أنهم لو صعدوا في السماء حقيقة، ورأوا الآيات عيانا، لقالوا: هذه أوهام وأخيلة، وقد سحرنا محمد، وهذا منتهى العناد والإعراض. وتشير الآية إلى وجود الظلام في الفضاء الخارجي.
بعض مظاهر قدرة الله تعالى:
يتكرر التّذكير ببعض مظاهر قدرة الله تعالى في آيات القرآن، لا سيما في حال وصف عناد الكفرة والمشركين وتهديدهم بالعذاب، وإنذارهم بالعقاب، فإن الله قادر على كل شيء، وهذا يدعو العقلاء إلى التزام جادة الاستقامة، والزحزحة عن مواقف الكفر وتكذيب الرّسل، ففي الكون أرضه وسمائه عبر منصوبة تدعو للإيمان.
وكفر الكافرين وإعراضهم عنها، أي عن العبر والآيات إصرار منهم وعتوّ، قال الله تعالى مبيّنا بعض آيات قدرته:


{وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (17) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (18) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)} [الحّجر: 15/ 16- 25].
هذه آيات تذكّر الكافرين بكمال قدرة الله تعالى، وأدلة وحدانيته في السماوات والأرض، وهي مبدوءة بالقسم الإلهي، أي والله لقد أوجدنا في السماء نجوما عظاما من الكواكب الثوابت والسيارات، ذات بروج: أي منازل، والمراد هنا منازل الشمس والقمر والنجوم السّيارة، وزيّنا السماء للناظرين المتأمّلين فيها. ومنعنا الاقتراب من السماء، كل شيطان رجيم، أي مرجوم بالشّهب، كما دلّت الأحاديث الصّحاح. لكن من استرق السمع وحاول معرفة الأسرار الإلهية، فإنه يدمّر بشهاب واضح، أي بجزء منفصل من الكوكب، وهو نار مشتعلة، فتحرقه. ودلّت الأحاديث على أن الرجم كان في الجاهلية، ولكنه اشتدّ في وقت الإسلام، وحفظت السماء حفظا تامّا.
وجعل الله تعالى الأرض في مرأى العين ومن أجل التمكن من الانتفاع ممدودة الطول والعرض، ممهدة للانتفاع بها، وثبّت الله الأرض بإلقاء الجبال الرواسي في جوانبها المختلفة، كيلا تضطرب بالإنسان، وأنبت الله في الأرض الزروع والثمار المناسبة، المقدرة بميزان معلوم، فقوله تعالى: {وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} أي أوجدنا فيها كل شيء مقدّر بقدر معلوم، موزون بميزان الحكمة، مقدّر محدّد بقصد وإرادة.
وجعل الله في الأرض معايش، أي أعدّ للناس أسباب المعيشة والحياة الملائمة، من غذاء ودواء، ولباس وماء ونحو ذلك، وجعل فيها أيضا الخدم والدّواب والأنعام التي لستم أيها العباد برازقين لها، وإنما يرزقها الله وإياكم.
ثم أخبر الله تعالى أنه مالك كل شيء، وأن كل شيء يسير سهل عليه، وعنده خزائن الأشياء من جميع الأصناف، من نبات ومعادن، ومخلوقات لا حصر لها، فكل ما ينتفع به الناس في الكون، الله قادر على تكوينه وإيجاده، ولا يعطيه ولا يمنحه إلا بمقدار معلوم.
وأرسل الله الرياح الخيرة تحمل السّحب المشبعة بالرطوبة لإنزال الأمطار، وجعل الرياح واسطة لتلقيح الأشجار، بنقل طلع الذكور ولقاحها للإناث، ليتكون الثمر، كما يسوق الله الغيوم بالرياح لإنزال الأمطار التي تسقى بها الزروع والثمار والمواشي، كما قال الله تعالى: {وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 21/ 30].
ومن أعظم النّعم أن الله تعالى خازن الأمطار في السّحب وجوف الأرض، وليس البشر بخازنين ولا حافظين له، وينزله الله ويحفظه في الأرض، ويجعله ينابيع، ولو شاء الله تعالى لغوّره وذهب به في أعماق الأرض، ولكن من رحمته أبقاه للناس طوال السنة.
ومن عظيم قدرة الله: إحياء الخلق من العدم ثم إماتتهم ثم بعثهم أحياء، وينفرد الله حينئذ بإرث الأرض ومن عليها، والله يعلم كل من تقدّم وهلك من لدن آدم عليه السّلام، ومن هو حيّ، ومن يتأخر وجوده إلى يوم القيامة. ثم إن الله يحشر الناس ويجمعهم إليه جميعا يوم القيامة، ليحاسبهم، إنه سبحانه حكيم يضع الأشياء في محالّها ويتقنها، واسع العلم، أحاط علمه بكل شيء. وكل ذلك دليل على قدرة الله تعالى وتوحيده وإيجاب عبادته.
بدء خلق آدم عليه السّلام وتكريمه:
أقام الله تعالى أدلّة حسّية مشاهدة على قدرته وتوحيده وعبادته، منها خلق السماوات والأرض، كما تقدّم، ومنها خلق الإنسان من طين، حين بدأ خلقه بآدم عليه السّلام، ومنها خلق الجنّ من النّار. وتكريما للجنس الإنساني أمر الله تعالى الملائكة جميعا وإبليس بالسجود لآدم سجود تحية وتعظيم، لا سجود عبادة وتأليه، وهذا دليل التكريم والتقدير، قال الله تعالى مبيّنا تلك القصة:

1 | 2 | 3 | 4